كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَأُولُوا الْأَرْحام بَعْضُهُمْ أَوْلى ببَعْضٍ في كتاب اللَّه} الظاهر أنّ المراد بأولي الأرحام ذوو القرابات مطلقا، سواء كانوا أصحاب فروض أم عصبات أم ذوي أرحام. فالمراد من الآية الكريمة أنّ أصحاب القرابة أيّا كان نوعها أولى من غيرهم بمنافع بعض، أو بميراث بعض، على ما سيأتي من القول فيه.
وقوله: في كتاب اللَّه المراد منه ما كتبه في اللوح المحفوظ، أو ما أنزله في القرآن من آية المواريث وغيرها، كآية الأنفال، أو المراد بكتاب اللّه ما كتبه وفرضه وقدّره، سواء أكان ذلك الفرض في القرآن أو في غيره.
قوله: {منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهاجرينَ} يحتمل أن يكون راجعا إلى أولي الأرحام والمعنى:
وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى ببعض في النفع أو في الميراث، وقد قال بجواز هذا صاحب الكشاف. ويحتمل أن يكون قوله: {منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهاجرينَ} متعلقا بأولي، والمعنى: وأولو الأرحام بعضهم أولى من المؤمنين والمهاجرين بنفع بعض، أو بميراث بعض، ويكون هذا إبطالا لما كان في صدر الإسلام من التوارث بالهجرة والنصرة، على نحو ما جاء في آخر سورة الأنفال من قوله تعالى: {إنَّ الَّذينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بأَمْوالهمْ وَأَنْفُسهمْ في سَبيل اللَّه وَالَّذينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئكَ بَعْضُهُمْ أَوْلياءُ بَعْضٍ وَالَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجرُوا ما لَكُمْ منْ وَلايَتهمْ منْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجرُوا وَإن اسْتَنْصَرُوكُمْ في الدّين فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاقٌ وَاللَّهُ بما تَعْمَلُونَ بَصيرٌ (72) وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلياءُ بَعْضٍ إلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فتْنَةٌ في الْأَرْض وَفَسادٌ كَبيرٌ (73) وَالَّذينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا في سَبيل اللَّه وَالَّذينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئكَ هُمُ الْمُؤْمنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفرَةٌ وَرزْقٌ كَريمٌ (74) وَالَّذينَ آمَنُوا منْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئكَ منْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحام بَعْضُهُمْ أَوْلى ببَعْضٍ في كتاب اللَّه إنَّ اللَّهَ بكُلّ شَيْءٍ عَليمٌ (75)} [الأنفال: 72- 75].
فأنت ترى أنّه كان هناك توارث بالهجرة والنصرة، ثم نسخ، وتأكّد النسخ بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية» وظاهر أنّ النفي لا يراد منه نفي حقيقة الهجرة، وترك بلد إلى آخر، فذلك موجود بعد الفتح، ويوجد كل يوم، بل المراد نفي الأحكام التي كانت تترتب على الهجرة كالتوارث بها، وحينئذ يكون معنى قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحام بَعْضُهُمْ أَوْلى ببَعْضٍ في كتاب اللَّه منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهاجرينَ} أنّ التوارث الذي كان سبب الهجرة قد بطل، وصار التوارث بالرحم.
{إلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلى أَوْليائكُمْ مَعْرُوفًا} يحتمل أن يكون الاستثناء هنا متصلا، ويحتمل أن يكون منقطعا.
فعلى الأول: يكون استثناء من أعم الأحوال التي تقدر الأولوية فيها كالنفع، فإنّه يتنوع إلى ميراث وصدقة وهدية ووصية، وغير ذلك، ويكون المعنى: أن أولي الأرحام أولى بجميع وجوه النفع من غيرهم من المؤمنين والمهاجرين، إلّا أن يكون لكم في هؤلاء ولي تريدون أن توصوا إليه، وتسدوا إليه معروفا، فذلك جائز، ويكون هو أولى بذلك المعروف من ذوي الأرحام، فإنّ الوصية لا تجوز لهم إلا برضاء الورثة.
وعلى الثاني: وهو أن الاستثناء منقطع فتجعل ما فيه الأولوية هو الميراث فقط، وهو المستثنى منه، ويكون فعل المعروف وهو المستثنى الوصية.
ولا شك أنّهما جنسان، وتخصيص ما فيه الأولوية بالميراث مفهوم من الكلام، إذ المسلمون جميعا بعضهم أولى ببعض في التناصر والتواصل والتراحم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم.
وقد يكون بعض وجوه النفع الأجانب فيها أولى من ذي الرحم، فإنّ الصدقات يأخذها الفقراء وإن كانوا أجانب، ويحرم منها الأغنياء وإن كانوا أقارب.
والشيء الوحيد الذي يكون فيه ذو الرحم أولى من غيره هو الميراث، ويكون المعنى على هذا كأنه قيل: لا تورثوا غير ذي رحم، لكن أن تسدوا إلى أوليائكم المؤمنين والمهاجرين معروفا، فذلك جائز: بل هم أحق بالوصية من ذوي الأرحام.
وترى أنّا قد فسرنا الأولياء في قوله تعالى: {إلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلى أَوْليائكُمْ مَعْرُوفًا} بالأولياء من المؤمنين والمهاجرين، وذلك جريا على ما ذهب إليه كثير من المفسرين من أن الآية في ترك التوارث بالهجرة والمؤاخاة، ويكون هذا تمشيا مع ما أسلفناه من أنّ من في قوله: {منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهاجرينَ} داخلة في المفضل عليه.
وروي عن بعضهم أن الآية نزلت في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني، ويكون معنى الآية أولو الأرحام من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى بميراث بعض، إلا إذا كان لكم أولياء من غيرهم، فيجوز أن توصوا إليهم، وهذا الوجه مروي عن محمد بن الحنفية وغيره.
{كانَ ذلكَ في الْكتاب مَسْطُورًا} كان هذا الحكم الذي دلت عليه الآيتان مثبتا بالأسطار في القرآن، أو حقا مثبتا عند اللّه لا يمحى.
ترى مما تقدم أنّا قد فسرنا {أولي الأرحام} بذوي القرابة مطلقا، أيا كان نوعهم، وقد نقل الفخر الرازي أنّ الإمام الشافعي رضي اللّه عنه فسّرها بذلك، وتبعه في هذا أبو بكر الرازي من الحنفية. ثم هو بعد ذلك يردّ فيها دليلا للحنفية على توريث ذوي الأرحام من حيث إنّ الآية قد أريد منها هذا النوع الخاص من الوارثين، بل من حيث إنّ الآية اقتضت أنّ ذا القرابة مطلقا أولى من غيره. وأما تقديم بعض ذوي القرابة على بعض فهذا به أدلته الخاصة، ويقتضي ذلك أن يكون ذو الرحم وهو الصنف الذي يدلي إلى الميت بواسطة الأنثى أولى من بيت المال، فتكون الآية حجة على من قدّم بيت المال عليهم.
وقد اختلف العلماء في تقديم ذوي الأرحام على مولى العتاقة. فذهب بعضهم إلى أنّ ذا الرحم أولى، وهو يروى عن ابن مسعود، وظاهر الآية يساعده.
ويرى بعضهم أنّ مولى العتاقة مقدم على ذوي الأرحام، وهو مرويّ عن كثير من الصحابة، بل زعم الجصاص أنّه مذهب سائر الصحابة، وقد روي عن ابنه حمزة أعتقت عبدا ومات، وترك بنتا، فجعل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نصف ميراثه لابنته، ونصفه لابنة حمزة، ولم يقل لنا الرواة هل كان للميت ذو رحم حتى يتم الدليل؟
وهذا إن صح يدلّ أيضا على أن مولى العتاقة أولى من الرد، وهذا لا يكون إلا إذا كان مولى العتاقة محسوبا من العصبات، والعصبات أولى بالميراث من غيرهم، وقد روي أنّ النبي جعل ابنة حمزة عصبة لمولاها، وقد ورد أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «الولاء لحمة كلحمة النّسب».
وللمخالف أن يقول: إن التشبيه يقتضي مطلق الاستحقاق، فأين تقديمه على غيره.
قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ منْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهنَّ منْ عدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتّعُوهُنَّ وَسَرّحُوهُنَّ سَراحًا جَميلًا (49)}.
لا خلاف بين العلماء في أنّ المراد بالنكاح هنا العقد، ولا خلاف بينهم أيضا في أنّ قيد الإيمان هنا ليس للاحتراز، بل لمراعاة الغالب من حال المؤمنين أنّهم لا يتزوجون إلا بمؤمنات، وللإشارة إلى أنه ينبغي أن يقع اختيارهم في الزواج على المؤمنات.
وكذلك اتفقوا على أنّه ليس المراد بالمس هنا حقيقته، وهي إلصاق اليد بالجسم، وإلا لزمت العدة فيما لو طلقها بعد أن مسها بيده من غير جماع ولا خلوة.
ولم يقل بذلك أحد بل المراد بالمس الجماع، لشهرة الكناية به وبالمماسة والملامسة ونحوها عن الجماع في لسان الشرع.
والعدة شرعا المدة التي تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها من الحمل، أو للتعبّد، أو للتفجّع على زوج مات.
ومعنى {تَعْتَدُّونَها} تعدونها عليهن، أو تستوفون عددها عليهن.
والمتعة في الأصل الاستمتاع، وما يتمتع به، وفي لسان أهل الشرع ما يعطيه الزوج لمطلقته إرضاء لها، وتخفيفا من شدة وقع الطلاق عليها. وبيان مقدار المتعة ونوعها قد تكفّلت به كتب الفروع.
وأصل التسريح إرسال الماشية لترعى السرح، وهو شجر عظيم ذو ثمر. ثم توسع في التسريح، فجعل لكل إرسال في الرعي، ثم لكل إرسال وإخراج. والمراد به هنا تركهن وعدم حبسهن في منزل الزوجية، إذ لا سبيل للرجال عليهن بعد طلاقهن.
والسراح الجميل يكون بمجاملتهن بالقول اللين، وترك أذاهن، وعدم حرمانهن مما وجب لهن من حقوق.
أخذ بعض العلماء من قوله تعالى: {إذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} أنّه لا طلاق قبل النكاح، فقول الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق، لا يعدّ طلاقا، فإذا تزوج لم تطلق زوجته بهذه الصيغة التي صدرت منه قبل النكاح، سواء أخصّ أم عمّ، وسواء أنجز أم علّق.
وقد أخرج جماعة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه سئل عن ذلك فقال: هو ليس بشيء، فقيل له: إنّ ابن مسعود كان يقول: إن طلق ما لم ينكح فهو جائز، فقال: رحم اللّه أبا عبد الرحمن، لو كان كما قال لقال اللّه تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ولكن إنما قال: {إذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} وقد ذكر في الدر المنثور وغيره من رواية علي وجابر ومعاذ وغيرهم رضي اللّه عنهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «لا طلاق قبل نكاح».
وهذا قول الجمهور من الصحابة والتابعين، وهو مذهب الشافعي وأحمد.
وقال الحنفية: الطلاق يعتمد الملك أو الإضافة إليه، لكنه في حال الإضافة إلى الملك يبقى معلّقا، حتى يحصل شرطه الذي هو الملك، فإذا قال للأجنبية: إن تزوجتك فأنت طالق، كان هذا تعليقا صحيحا للطلاق على شرط النكاح، فإذا حصل هذا الشرط وقع الطلاق على فوره، وكان طلاقا في الملك بالضرورة، فكأنّه أنجزه عليها حينذاك.
والفرق واضح بين تنجيز الطلاق على الأجنبية، وبين تعليق طلاقها على نكاحها، فإنّ الأول طلاق لم يحصل في الملك، ولم يكن مضافا إليه. أما الثاني فإنّ وقوعه لابد أن يصادف الملك حيث كان معلقا عليه. والحنفية لا يشترطون في التعليق على الملك أن يكون صريحا بصيغة من الصيغ المعهودة في التعليق، بل المعوّل عليه عندهم أن يكون المعنى على التعليق، فلا فرق عندهم بين التعليق اللفظي كأن يقال: إن تزوجت فلانة فهي طالق. والتعليق المعنوي مثل: كل امرأة أتزوجها طالق. غير أنّهم يشترطون في التعليق المعنوي ألا تكون المرأة معيّنة بالاسم أو بالإشارة مثل:
فلانة التي أتزوجها طالق، وهذه المرأة الحاضرة التي أتزوجها طالق، فإنّ تعيين المرأة بالاسم أو بالإشارة يضعف معنى التعليق، فتلتحق هاتان الصورتان وما أشبههما بالطلاق الناجز، والطلاق الناجز لا يقع في غير الملك بالاتفاق.
وقد حكي عن مالك رضي اللّه عنه أنّه إن عمّ لم يقع، وإن سمّى شيئا بعينه امرأة أو جامعة إلى أجل وقع.
وحكي عنه أيضا أنه إذا ضرب لذلك أجلا يعلم أنه لا يبلغه كأن قال: إن تزوجت امرأة إلى مئة سنة لم يلزمه شيء، وهذا الذي حكيناه عن الحنفية والمالكية منقول عن كثير من الصحابة والتابعين رضوان اللّه عليهم أجمعين، على اختلاف في التفصيل، ليس هذا محل ذكره.
ويقول أصحاب هذا الرأي: إنّ قوله تعالى: {إذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} لا ينافي ما ذهبنا إليه، بل إنه ظاهر الدلالة على صحة قولنا، لأنّ الآية حكمت بصحة وقوع الطلاق بعد النكاح. ومن قال لأجنبية: إذا تزوجتك فأنت مطلّقة، فهي طالق بعد النكاح، فوجب بظاهر الآية إيقاع طلاقه، وإثبات حكم لفظه.
وأما قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا طلاق قبل نكاح» فبعد تسليم صحته لا ينافي ما ذهبنا إليه، لأنّ من ذكرنا مطلّق بعد النكاح.
وقد روي عن الزهري في هذا الحديث إنما هو أن يذكر للرجل المرأة، فيقال له: تزوجها. فيقول: هي طالق البتة، فهذا ليس بشىء. فأمّا من قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق البتة فإنما طلقها حين تزوجها.
ثم إنّ عطف الطلاق في الآية على النكاح ب ثُمَّ لا يدل على أنّ الحكم خاص بالحالة التي يتراخى فيها الطلاق عن النكاح، فإنه لا فرق بين أن يقع متراخيا، وأن يقع على الفور، بل عدم الاعتداد في صورة الفورية أولى منه في صورة التراخي.
وعلى هذا يكون التعبير ب ثُمَّ للتنصيص على الحكم في الصورة التي قد يتوهم فيها وجوب العدة، لطول المدة التي هي مظنة الملاقاة والمباشرة. وهذا ظاهر إذا كانت كلمة ثُمَّ باقية على معناها الوضعي، مفيدة للتراخي الزماني.
ويصحّ أن يراد منها التراخي في الرتبة وبعد المنزلة، فيستفاد منها أنّ مرتبة الطلاق بعيدة عن مرتبة النكاح، إذ إنّ النكاح تترتب عليه منافع كثيرة، ويثمر ثمرات طيبة. فأما الطلاق فإنّه يحل العقدة، ويفصم العروة، ويبطل ما بين الزوجين وأقاربهما من روابط وصلات. ولهذا قال بعض الفقهاء: إنّ الآية ترشد إلى أنّ الأصل في الطلاق الحظر، وأنّه لا يباح إلا إذا فسدت الزوجية، ولم تفلح وسائل الإصلاح بين الزوجين.
وظاهر التقييد بعدم المس- الذي عرفت أنّه كناية عن الجماع- أنّ الخلوة ولو كانت صحيحة لا توجب ما يوجبه الجماع من العدة بعد الطلاق، وهو قول الشافعي في الجديد. أما الحنفية والمالكية الذين يقولون بأنّ الخلوة الصحيحة كالجماع فمن العسير جدّا أن تحمل الآية على محمل يساعدهم. وقد حاول بعضهم أن يجعل المس كناية عن الخلوة أو عما يشمل الخلوة والجماع، ولكنّ ذلك بعيد، إذ لم يعرف، ولم يشتهر إطلاق المس على الخلوة.
وإذا فوجوب العدة بالخلوة عند من يقول بذلك لابد له من دليل آخر، وذلك قوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيما رواه الدار قطني والرازي في أحكام القرآن «من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل».